تسويق المملكة العربية السعودية سياحيا كواحة وواجه للعلوم والأبحاث

sa branding تسعى كثيرا من الدول المتقدمة على استخدام Marketing and Branding Management كمنظومة استراتيجية في التسويق تسعى من خلالها دول العالم على بناء صورة ذهنية إيجابية لها لدى الدول الأخرى ولدي السياح من خلال ربطهم بأماكن أو منتجات مختلفة لتلك الدول، فالربط ما بين تكوين الصورة الذهنية (عادة عن طريق الإعلانات) والصورة الحقيقية للدول والمدن يكون من خلال إتباع نهج تسويقي متكامل للتخطيط وإدارة المدن. فالأبحاث الحالية لي City Marketing and Nation Branding يركز على التعامل مع الدولة والمدينة كمنتجات توضع لها الخطط والاستراتيجيات التسويقية لجذب سكان جدد أو السياحة بجميع أنواعها أو لجذب شركات واستثمارات.

ولكن يبقى السؤال الأهم والأصعب وهو لماذا أقوم بزيارة تلك المدينة أو الدولة، ما هي المميزات والعوامل التي تجذبني. هنا تكمن صعوبة إيجاد خواص ومميزات وبرامج تجذب السياح للدولة أو للمدينة طوال العام أو ما يسمى Year-Round Demand لوجود متغيرات بيئية ومناخية وسياسية وأمنية وغيرها.

وبالتالي تقوم الدول والمدن بتقسيم السوق إلي شرائح مختلفة Market Segmentation تتكون لهم خصائص متشابهة ساعد في إيجاد نوعيات مختلفة من السياحة. فالسياحة الآن أصبحت من أهم الصناعات الموجودة التي تهم العنصر البشري وتساعد في تحسين اقتصاديات الدول وتغير من صورتها الذهنية حيث تتوقع منظمة السياحة العالمية  أنه بحلول عام ٢٠٢٠م سوف يكون هناك 1.5 بليون مسافر دولي ينفقوا ما يعادل 2 تريليون دولار على السياحة. وحسب الدراسات الحالية يعود هذا للتطور الكبير في البنية التحتية للمواصلات وعالم الطيران وتنافس الأسعار ساهم في أيجاد وتطوير مناطق جديدة لغرض السياحة، ازدياد الطلب على وجهات سفر حالية، وتؤدي إلي زيادة رضا السياح. في عام 2010م في أوروبا مثلا أدى تنوع وسائل النقل وتنافس الأسعار إلى ازدياد الطلب علي فرنسا وأسبانيا وايطاليا وبريطانيا وألمانيا والنمسا وبولندا (أوروبيا) وازدياد الطلب علي السفر لدول أخرى لم يكن بالإمكان السفر لها في قائمة السياح الأوروبيين مثل دولة عمان وكمبوديا والهند والأردن وفيتنام وغانا. وأدى ذلك إلى أن تسارع المدن والدول في إيجاد وسائل جذب متنوعة طوال العام.

أنواع السياحة كثيرة منها السياحة الترفيهية والاستجمام والسياحة العائلية والسياحة الدينية والسياحة الإسلامية والسياحة الشتوية والسياحة التعليمية وسياحة العلاج والعلاج الطبيعي. ولو نظرنا إلي الإسلام فنجد قوله تعالى “وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا”، وعبر تاريخنا الإسلامي نجد هناك ثلاث أنواع من الرحلات وهي الحج والعمرة، وزيارة المساجد والمعالم الدينية، ورحله للبحث وطلب العلم والتجارة.

وفي منظوم السياحة توجد ثلاث نقاط استراتيجية يجب التعامل معها لاحدات التوازن السياحي وهي Pull Effect وهي قيام المواطنين بالسفر إلى دول أخرى بغرض السياحة بأنواعها وهي حق مستحق لكل السياح في العالم للسفر بغرض الاستجمام والتعلم واكتشاف عادات وثقافات وطبيعة أخرى والتأمل في عظمة الخالق. في حالة Pull Effect يكون هناك ضعف في الإقبال على المناطق السياحية والفنادق والمطارات الداخلية. وبالتالي تقوم الدول بالتعويض عن ذلك بما يسمى Push Effect وهو جذب السياح إليها من خلال تسويق نفسها ومنتجاتها وخدماتها لشرائح مختلفة طوال العام. والنقطة الثالثة هي Derived Effect وهي تقوم على نقل السياح من المدن الرئيسية (مثل لندن أو باريس) وجذبهم للمدن والمطارات الصغيرة الأخرى لكي تساعد على تنمية الموارد المختلفة للمدن الصغيرة ومنتجاتها وخدماتها المختلفة.

تقوم الدولة المهتمة بقطاع السياحة بدراسات دقيقة عن خدماتها ومنتجاتها وتقوم أيضا بدراسة احتياجات وانطباعات السياح المتوقع قدومهم وكيفية تعزيز هذا الانطباع وبناء الصورة الايجابية. مثال ذلك لو نظرنا لليونان فإنها تقوم بدراسات ومتابعة دورية للصورة الذهنية خاصة لسياحة الاستجمام فذكر اسم اليونان يعني الآثار والشواطئ الرملية والشمس. تركيا تسوق لنفسها بنفس الاتجاه للأوروبيين ولكن بإضافة الآثار والسياحة الإسلامية لجذب سياح الشرق الأوسط. مثال أخر لندن المدينة التي لا تنام وأكثر مدن العالم جذبا للسياح ففيها الاستجمام والعلاج والتعليم والتدريب والمؤتمرات والمعارض والمتاحف والأزياء والمسارح. ومن خلال زيارة موقع Visit Britain تجد أن وزارة السياحة البريطانية تستخدم Push Effect and Derived Effect وتقوم بعمل دراسات متكاملة عن زوار بريطانيا ورغباتهم وأسباب قدومهم وتوقعاتهم وانطباعاتهم لزيارتها بما في ذلك دراسة عن السياح الخليجيين وشباب الخليج حيث بينت الدراسات إن السائح الخليجي ينظر لبريطانيا على أنها تعتبر بلد جميل الطقس يساعد على الهرب من ارتفاع درجات الحرارة في الخليج خلال الصيف، غنية بالتراث والمتنزهات والريف، التعليم والجامعات العريقة، والمسارح، الاحترام، الصداقة، والمشاهير والاستقرار والقانون والنظام والسلامة والتنظيم الجيد والسهولة النسبية في السفر إلى بريطانيا، وكرة القدم لا سيما بالنسبة للرجال والتسوق لا سيما بالنسبة للنساء. وبالتالي تقوم بريطانيا بتعزيز هذا الانطباع لدى السائح الخليجي وتقوم بعد ذلك بتقديم حزمة من البرامج والأنشطة المختلفة في لندن والمدن الأخرى مع ضرورة أن يمنح الزوار معلومات إضافية تساعد على تأثيرها على اختيار الوجهة والفنادق والمطاعم والمعالم السياحية والمطاعم الحلال في بريطانيا مما يمنح الزوار تجربة رائعة. وبناء على الدراسات فان السائح الخليجي أبدى رضاه عن بريطانيا وأنها تجاوزت توقعاته حيث أن 91% من السياح الخليجين ابدوا رضاهم وأنهم سوف ينقلوا تجربتهم الايجابية وتوصية الأقارب والأصدقاء بزيارتها. وحسب الكثير من الدراسات أن تتجاوز التوقعات (حال بريطانيا هنا) عادة ما يتسم بأهمية خاصة لأن توصيات الأقارب والأصدقاء هي المصدر الأكثر احتمالا أن تؤثر على المعلومات عند اتخاذ القرار.

من خلال إحصائيات موقع Visit Britain زار بريطانيا في الاثنى عشر شهر الماضية (إلى نهاية شهر يوليو 2011) أكثر من 31 مليون سائح انفقوا أكثر من 17 مليار جنية إسترليني، منهم 3.5 مليون فقط في شهر يوليو 2011 انفقوا فيها 2 مليار جنية إسترليني. ولو نظرنا للمملكة العربية السعودية نجد أن نسبة سفر السعوديين للخارج بغرض السياحة كبيرة جداً خاصة مع وجود الإبتعاث أدي إلى زيادة السفر بغرض زيارة أبنائهم خلال فترة الأجازات، حيث قضى 4.5 مليون سائح سعودي الإجازة الصيفية في الخارج العام الماضي أنفقوا خلالها أكثر من 120 مليار ريال. وبحسب وكالة السياحة المحلية البريطانية إن عدد السياح السعوديين في المملكة المتحدة قد ارتفع في الربع الأول من 2011 بشكل كبير، حيث قفز عدد السعوديين القادمين إلى بريطانيا بنسبة 17 بالمائة مقارنة بعام 2010 (79 ألف سائح من السعودية زار بريطانيا حيث انفق السائح الخليجي في شهري يوليو وأغسطس للتسوق فقط 200 مليون جنية إسترليني). أما في أوروبا، فقد نشرت هيئة السياحة السويسرية مؤخراً إحصائيات تشير لاحتلال السعودية المرتبة الأولى خليجياً من حيث عدد السياح القادمين منها إلى سويسرا. وأشارت الإحصاءات الخاصة بعام 2010 إلى ارتفاع نسبة السياح الخليجيين القادمين عموماً بنحو 19.7 بالمائة، وأوضحت الإحصاءات أن المواطن الخليجي عموماً ينفق 530 فرنكاً سويسرياً في اليوم الواحد (نحو 2300 ريال)، وبهذا يحتل مواطنو دول المجلس المرتبة الأولى من حيث مستوى الإنفاق اليومي على مستوى سياح العالم. أما في لبنان فقد كان تأثير السائح السعودي أكبر وأعمق على دخل السياحة في لبنان رغم انخفاض الأعداد، وبلغ إنفاق السياح السعوديين حوالي عشرين بالمائة من مجمل الإنفاق السياحي في لبنان.

وفي المقابل تقوم هيئة السياحة والآثار بدور كبير لوضع أنظمة وقوانين وتشجيع للسياحة الداخلية وهي الآن محصورة فقط للمواطنين وأبناء الخليج العربي الذين يمكن لهم زيارة المملكة بدون الحصول على فيزا وهم من تربطنا معهم العلاقات الأسرية وتشابه في العادات والتقاليد. لو تعاملنا مع المدن والدولة تسويقيا كمنتجات وخدمات، ما هو المنتج الأكثر نضجا لكي يكون عامل الجذب تسويقيا ومقوماته موجودة لوضع الصورة الذهنية الإيجابية للمملكة حول العالم.

حسب منظمة السياحة العالمية (World Tourism Organisation) فان السياحة بأنواعها للأفراد هي المحرك الأقوى لتثبيت الصور الذهنية والإدراك الحسي عن كل بلد وتفهم عاداتهم وتقاليدهم ودياناتها وسياساتها. تقوم هيئة الاستثمار بالتسويق للسعودية دوليا بغرض جذب الاستثمار الخارجي وهو تسويق لفئة رجال الأعمال. وتقوم الهيئة السعودية للسياحة والآثار بترسيخ مفهوم السياحة داخليا ولدول الخليج حيث تتمتع المملكة العربية السعودية بمقومات سياحية عدة منها مقومات طبيعية مثل المحميات الطبيعية للحياة البرية والبحرية، والمناطق ذات الجمال الطبيعي مثل الربع الخالي والجزر الساحلية والشعاب المرجانية، بالإضافة لتنوع الثقافي والعادات والتقاليد، و مواقع أثرية قديمة من أبنية حجرية، ورسومات صخرية، ومباني تراثية، مثل القصور والحصون التي تعود إلى عصور مختلفة. لكن الملحوظ حتى الآن عدم وجود منهجية واستراتيجية واضحة لما نريد أن نغرسة كصورة ذهنية عن المملكة عالميا.

في أوروبا هناك حركة سياحية كبيرة بين الدول لسهولة وتنوع الموصلات وانخفاض الأسعار وعدم وجود فيزا بين دول الاتحاد الأوروبي. الحركة العالمية للسياحة كبيرة لذلك تقوم الدول بتعويض سفر مواطنيها للخارج بجذب السواح لاكتشاف تراثها وعاداتها وتقاليدها وطبيعتها الاستفادة من خدماتها. المملكة العربية السعودية تسوق منتج السياحة داخليا ومع ذلك نسبة السفر للخارج كبيرة وهو مطلب مهم كما ذكرت سابقا. وفي المقابل لم تستطع هيئة السياحة في جذب سياحة خارجية لأسباب تنظيمية أهمها عدم وجود فيزة سائح، ارتفاع درجات الحرارة في الصيف،  والاهم من ذلك البنية التحتية للسياحة ضعيفة ولم تكن عنصر جذب داخليا لنقص وضعف المرافق والخدمات وارتفاع كبير للأسعار وضعف تنوع وسائل المواصلات والنقل التي تربط الموقع السياحية، ضعف الخيارات والبرامج السياحية المتاحة وقلة تنوع وجودة الفنادق. وتسعى هيئة السياحة والآثار لوضع معايير عالمية للسياحة وهى أرى أنها استراتيجية بعيدة المدى مع التركيز بعمل متوازي لأكثر من نوع من أنواع السياحة وليس سياحة الترفية والاستجمام.

إذا ما هو المنتج الأكثر جاهزية لاستخدامه تسويقيا لتسويق السعودية دوليا ووضع صوره ذهنية عالمية

في فترة ابتعاثي للولايات المتحدة وبريطانيا ومن خلال المؤتمرات اسأل دائماً المثقفين والأكاديميين والباحثين من غير المسلمين عن ماذا يعرف عن المملكة العربية السعودية وغالبا الجواب موحد إنها دولة غنينه بالبترول ويحج إليها المسلمون. الحج هبة من الله لهذا المكان منذ أن قدم إليها إبراهيم عليه السلام وزوجته هاجر وابنة إسماعيل ودعا إبراهيم ربه في سورة إبراهيم ( ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم ربنا ليقيموا الصلاة فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم وارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون)  فكانت من ذلك الوقت ملتقى آمن لملاين البشرية ورحلة الشتاء والصيف والرابط ما بين أفريقيا واسيا. والسعودية حكومة وشعبا وهبة نفسها لخدمة ضيوف الرحمن حيث يزورها سنويا أكثر من ١٠ مليون حاج ومعتمر تشمل تنوع جميل من أنماط البشرية وطبقاتهم الاجتماعية المختلفة فمنهم الحاكم والطبيب والمهندس والمثقف والباحث. ولان الإسلام من خلال الحج والعمرة هي من أكثر علامات الإدراك الحسي عن المملكة فيجب على المملكة استراتيجيا الاستمرار في تسويقها أنها بلد السلام والوسطية ومنطلق الحضارة الإسلامية.

في الملتقى الدولي الثالث لتسويق المدن والدول International Colloquium on Place Management) (Marketing and Nation Branding الذي أقيم في جامعة لينكولن في بريطانيا بتاريخ ٨-٩ سبتمبر ٢٠١١ قدمت مع البروفيسور تشارلز دينيز (بروفيسور التسويق ومدير مركز الأبحاث في جامعة لينكولن ومدير الأكاديمية الدولية للتدريب والتطوير ITDA) رؤية واستراتيجية لتسويق المملكة العربية السعودية بالاستفادة من المتغيرات الحالية وتحويلها لفرص وذلك من خلال معاملة المدن والدولة كمنتج Product وتقسيم السوق لشرائح Segmentation والتركيز على شرائح محدده لتحقيق الأهداف Niche Market.

لو نظرنا إلى أقوى عنصر في المملكة حاليا لدية عناصر التسويق متكاملة يكون التعليم العالي من أهمها لتكون المملكة كواحة وواجه للعلوم والأبحاث. حيث بلغ ما تم تخصيصه لقطاع التعليم العام والتعليم العالي نحو 150 مليار ريال ويمثل نحو 26% من النفقات المعتمدة بالميزانية لعام ٢٠١٠-٢٠١١م وهي من أضخم الميزانيات في العالم. بالإضافة لذلك وجود أكثر من ٢٨ جامعه حكومية وخاصة مجهزه بأحدث التجهيزات التقنية والمباني وتغطي مساحات ومناطق جغرافيه مختلفة وغنية بعاداتها وثقافاتها داخل المملكة. يضاف إلى ذلك وجود أكثر من ٤٥ جمعيه علمية مسجلة لدي التعليم العالي في مختلف التخصصات. العدد الكبير من الطلاب في المراحل الجامعية والدراسات العليا مع وجود أكثر من ١٥٠ ألف طالب وطالبة مبتعث يدرسون في أفضل الجامعات حول العالم في دول قد لا يصل إليها المواطن السعودي بغرض السياحة. فالفكرة هنا في العمل استراتيجيا بوضع صورة ذهنية إيجابية للمملكة خارجيا وتسويقها لعشر سنوات قادمة سياحيا كوجه وواحة للعلوم والأبحاث ويكون ذلك بإيجاد حزمة تحتوي على مجموعه متكاملة من الأنشطة والمؤتمرات العلمية والمعارض سنويا وطوال العام لجذب شريحة الباحثين والمثقفين والمهتمين وصناع القرار.

 فهناك من يسافر ويتحمل عناء السفر من قارات العالم المختلفة لحضور مؤتمر علمي والاستفادة معرفيا ومعرفة أهل تلك البلاد وعاداتهم. هناك من يأتي لبريطانيا لحضور مؤتمرات متنوعة ومختلفة في كل أنواع الأبحاث العلمية الدقيقة وقد يستغرب أن يقام مؤتمر علمي حول الحلول المالية الإسلامية في بريطانيا ومؤتمر عن التسويق الإسلامي في ماليزيا ومؤتمر يخص الأبحاث المختلفة حول الحكومة الالكترونية في بيرو في أمريكا الجنوبية. الجمعيات العلمية تقوم بدور فعال في تعزيز أهمية السياحة التعليمية فنجد الأكاديمية البريطانية للإدارة (British Academy of Management) و وأكاديمية التسويق (Academy of Marketing) كمثال فقط وغيرها الكثير تقوم بعمل مؤتمرهم السنوي في جامعات بريطانية بحيث يقام كل عام في جامعه مختلفة مما يتيح للاف الأعضاء والمشاركين من حول العالم للمشاركة و الحضور وزيارة جامعات ومدن مختلفة تساعد على معرفة هوية وعادات وثقافات وتاريخ تلك المدينة وتكوين علاقات وصداقات مع الاستفادة من التجارب والأبحاث والأوراق العلمية التي قدمت في المؤتمر.

sa branding 1

كيف يكون ذلك ….. لابد أن تكون هناك رؤية واضحة وشراكة وتعاون مشترك بين عدة جهات مثل الهيئة العليا للسياحة والآثار ووزارة التعليم والجامعات السعودية والجمعيات العلمية حيث تقوم الهيئة باعتماد السياحة العلمية، خاصة أن العلم والتعليم هي جزء من ديننا وحضارتنا الإسلامية، وتقوم وزارة التعليم العالي باعتماد وتسمية مؤتمرات علمية يسوق لها محليا وإقليميا وعالميا حيث تتبنى كل جامعة سعودية مؤتمر سنوي يغطي ابرز وأقوى تخصصاتها. فمثلا يكون هناك مؤتمر خاص بجامعة الملك عبد الله وجامعة الملك فهد للبترول والمعادن وجامعة الملك عبد العزيز وسعود وخالد وأم القرى وكل الجامعات الأخرى ويترك تحديد مواضيع المؤتمر إلى الجامعة والجمعيات العلمية لتحديده وفق الاحتياجات البحثية. وبالتالي يكون لدينا أكثر من ٢٨ مؤتمر سنوي يغطي كل التخصصات والاحتياجات والمواضيع البحثية العالمية.

 وفي المقابل ولو نظرنا لإحصائيات الحج والعمرة من عام 1927م إلى الآن نجد أن أعدادهم في ازدياد كبير لتأدية فريضة إسلامية وزيارة المشاعر في مكة والمدينة و يساعد في ذلك المشاريع الضخمة التي تقوم بها حكومة خادم الحرمين الشريفين في خدمة ضيوف الرحمن بالإضافة للتطور الكبير في صناعة المواصلات والنقل الجوي ووجود أسعار تنافسية أتاح لشرائح اكبر تطلب السفر للمملكة العربية السعودية بغرض الحج والعمرة والمتوقع للأعداد أن تصل إلى ١٥ مليون زائر في عام ٢٠٢٠م. من هذه الملاين هناك المسئول والدكتور والأكاديمي ورجل الأعمال والطالب ويمكن عمل دراسة سريعة مع وزارة الخارجية والحج لتحديد نسبة الزوار بالمهنة للقادمين للحج والعمرة خلال الخمس السنوات الماضية لنقوم باستهداف Niche Market مثل ٥٪ إلى ١٠٪ من قاصدي العمرة للمشاركة في مؤتمرات ومعارض ذات علاقة بتخصصات مختلفة. ولا ننسى الدور الفاعل في تنمية وربط الجمعيات العلمية الحالية بالطلاب المبتعثين وجامعاتهم حول العالم لفترة برنامج الإبتعاث وإيجاد  علاقة مستمرة مع الجامعات والجمعيات العالمية بجذبهم لحضور وإثراء المؤتمرات.

ولكون جده بوابة الحرمين ولان المملكة توصف لدى العالم ببلد البترول ورغم ما يواجه ذلك من صورة سلبية للتلوث البيئي، يمكن العمل لاستغلال المخاطر وتحويلها لفرص إيجابية لزوار المملكة طوال العام ولجميع أبناء المملكة العربية السعودية من خلال إنشاء متحف وطني عالمي في مدينة جده على غرار المتحف البريطاني أو متحف العلوم أو متحف الطبيعة والتاريخ في لندن هو مطلب ملح، حيث يمكن أن تبادر أرامكو بالتعاون مع ووزاراتي التعليم والتعليم العالي وجامعة الملك عبد الله وجامعة الملك فهد للبترول والمعادن وهيئة السياحة والآثار بإنشاء متحف يعرض تاريخ المملكة وتاريخ استكشاف البترول ومراحل تكبيرة وأنواعه واستخداماته الإيجابية وكيفية المحافظة علية وما تقوم به المملكة لحماية البيئة بطريقة علمية تعليمية ودور المملكة الايجابي على مرر الزمن. والمتحف الوطني العالمي يكون معلم وطني ومحور زيارة طلاب المدارس والجامعات في السعودية ودول الخليج العربي. ووجوده في جده يساعد على استهداف شريحة زوار الحرمين لزيارته ليتم نقل صوره إيجابية عن المملكة وإضافة تعليمية للزوار. حيث يوجد الآن سايتك في الدمام بإشراف مركز سلطان بن عبد العزيز للعلوم والتقنية ومركز واحة العلوم في جده وكلاهما يقدم خدمات تعليمية ترفيهية للزوار.

في الختام تسعى الدول والمدن حول العالم من خلال الترويج لبناء صوره ذهنية إيجابية عنها لجذب السياح والاستثمار لها بكل أنواع السياحة فالحملات الإعلانية هي ترويج للدول وترسيخ الصورة الذهنية الحقيقية يكون من خلال زيارتهم لنا ونقل تجربتهم للخارج. حيث وحسب دراسات (National Brand Index) تبين أن مدى قبول وتفضيل الدول وتفهم سياسته وشعبة وثقافته وعاداته ومنتجاته يميل إلى الزيادة نتيجة لأية تجربة شخصية ولو بعد زيارة واحدة على الأقل لتلك البلاد، حتى لو كانت التجربة ليست  إيجابية. حضور العلماء والباحثين والمهتمين، من المسلمين وغير المسلمين، للمملكة لحضور المهرجانات الدولية والندوات والمؤتمرات  العلمية  فإنه يؤدي إلى إيجاد ونقل صورة ايجابية للمملكة على الساحة الدولية، تساعد على تريد اسم المملكة من خلال الزوار في نطاق التسويق الاجتماعي الذي من شأنه أن يعزز صورة البلاد ويؤدي إلى المزيد من الناس ترغب في الزيارة .

الفوائد عديدة لتسويق المملكة ومدنها من خلال الجامعات والمؤتمرات لأنها المنتج الأقوى التي تتوافر فيه عناصر التسويق والجذب للباحثين حول العالم لمؤتمرات ومعارض طوال العام تساعد على ربط الجامعات المحلية بالعالمية وتتيح للمبتعثين ومشرفيهم للحضور والمشاركة لترتقي بخدمات الجمعيات العلمية السعودية والاهم من ذلك هو إثراء البحث العلمي والذي منه تقدم الاستراتيجيات والحلول التطبيقية العملية عندما يقوم الباحثين حول العالم بتسمية مراجع لأبحاثهم من الأبحاث التي قدمت ونشرت في مؤتمرات ومجلات المملكة العلمية لتكون فرصة تسويقية لاسم المملكة وجامعاتها ومدنها وعاداتها من خلال العلم.

Saudi Airlines Magazine – Ahlan Wasahlan 

Comments are closed.

  • Facebook
  • LinkedIn
  • Twitter
  • Flickr
  • YouTube
Please Fill Out The YT (Youtube) Slider Configuration First