في أزمة كورونا – منظومة السياحة والسفر من الصدمة الى الابتكار جزء (1)

توقف الطيران بسبب الفيروس الخفي فتوقف معها الشريان الذي يغذي اقتصادات العالم. منظومة الطيران تعتبر الأكثر تضرر كصناعة والعالم يتحدث عن كيف سيكون شكل الطيران بعد الأزمة. الملياردير وارن بافيت باع أسهمه في أربع شركات طيران أمريكية مما زاد الهلع والخسائر المادية في سوف المال الأمريكي. منظمة الطيران العالمية “أياتا” تطالب حكومات الدول بتقديم الدعم العاجل لإنقاذ شركات الطيران في كل دولة لأن إنهيار منظومة الطيران يعني انهيار اقتصاد دول. هل ستعود الحياة للأجواء بعد فتح المجال الجوي بين الدول. التغير والتأثير في منظومة الطيران والسفر والسياحة متوقع بشكل كبير في السنوات القادمة، لكن لننظر للتغيرات المتوقعة في نمط حياة الاعمال ومنظومة السياحة والتي قد تؤثر بطريقة مباشرة او غير مباشرة على العرض والطلب والقوى الشرائية في حركة السياحة حول العالم.

منظومة الطيران والسفر والسياحة ساعدت الدول في الاهتمام بهويتها الوطنية وصورتها الذهنية وتسليط الضوء على تاريخها وثقافتها ومنتجاتها لجذب السياح والاستثمار والطلاب. السياح هم القوة الناعمة في نشر التسويق الثقافي للدول وتحسين صورتها الذهنية وسمعتها. من أهم مقومات السفر والسياحة وجود بنية تحتية للخدمات وبيئة مناسبة تعطي انطباع جيد عن وجهات السفر وعنصر جذب سياحي للمكان وقيمة مضافة للزائرين وللمال والاعمال والاستثمارات. السائح ينظر لعدة معايير عند اختيار وجهة السفر ومن أهمها ان تكون الدولة دولة سلام واستقرار للحكومات بوجود الامن داخل الدول بعيد عن الحروب والإرهاب وأيضا البيئة الجاذبة النظيفة بعيده عن التلوث والامراض والاوبئة بمعايير صحية عالية وسهولة الوصول للدول بوجود بنى تحتية. السفر والسياحة تساعد على تطوير وجهات السياحة الحالية واكتشاف وجهات جديدة تضمن جذب السياح واضفاء تجربة مميزه للعميل السائح والزائر والمستثمر.

منظومة الطيران لها أدوار حيوية في تنمية الاقتصاد العالمي وتحقيق اهداف الأمم المتحدة (17 هدف) للتنمية المستدامة من خلال تحقيق أهدافها التنموية حول العالم. فشركات الطيران استطاعت جمع 160 مليون دولار من بقايا العملات الصغيرة وتقديمها لليونسيف للقضاء على الفقر، نقل 70 ألف طن من المواد الغذائية للقضاء على المجاعة، نقل الدم والأعضاء والمرضى حول العالم – في البرازيل 99٪ من عينات الدم والأعضاء البشرية تنقل بشكل مجاني بدعم ١٥ شركة طيران برازيلية، ٤ مليون طالب يتم نقلهم سنويا عن طريق الجو، 160 ألف رحلة طيران تجارية استخدمت الوقود البديل الصديق للبيئة، وخلقت منظومة الطيران أكثر من 65 مليون وظيفة أضافت للاقتصاد 2.7$ تريلون دولار، واستثمرت شركات الطيران 64$ مليار دولار في الابتكارات، 56مليون طن شحن، 37مليون رحلة تجارية.

تاريخ الطيران الاقتصادي ساعد كثيرا في نمو حركة السفر العالمية وجعله في متناول كل الطبقات المختلفة من المجتمع. كما ساعد الطيران التقليدي في نمو اقتصاد مطارات المدن الكبيرة وفنادقها ومطاعمها وشركات السيارات والجامعات والمستشفيات، فان الطيران الاقتصادي يساعد في تغذية المطارات الصغيرة وزيادة إيراداتها المادية ويساعد في التنمية الاقتصادية لهذه المدن ونمو بنيتها التحتية وخلق فرص وظيفية للاستمرار في جذب زائرين جدد. بدأ تاريخ الطيران الاقتصادي بوجود شركة Pacific Southwest عام 1950م في الولايات المتحدة الامريكية وبعدها انطلقت شركة Southwest Airlines عام 1967م. في عام 1978مصدر قانون تنظيم الطيران الاقتصادي في أمريكا والذي ساهم بشكل كبير في تطوير السفر والسياحة وزيادة اعداد المسافرين.

في بداية التسعينات الميلادية كانت بداية ولادة شركات الطيران الاقتصادي في أوروبا وتحرير الطيران ضمن الاتحاد الأوروبي وظهرت اول شركة باسم RyanAir و EasyJet. بداية عام 2000م ظهرت شركات الطيران الاقتصادي في باقي دول العالم وتحديدا شرق اسيا وظهرت متأخرا في الشرق الأوسط.

منظومة الطيران ساعدت الافراد بالتنقل حول العالم بصورة كبيرة وكانت العامل المساعد الأول في نمو منظومة السياحة والسفر. السياحة هي احد اكبر الصناعات والقطاعات ومازالت في نمو متزايد. عدد المسافرين لأغراض السياحة ازداد بشكل ملحوظ من 170 مليون مسافر عام 1971م إلى 635 مليون مسافر عام 1998م. وفي عام 2019موصل عدد المسافرين حول العالم لعدد تاريخي 1.4 مليار مسافر. منظمة الساحة العالمية كانت تتوقع نمو اعداد المسافرين في عام 2020م إلى 1.7 مليار مسافر وبقوة شرائية تصل إلى 2 تريليون دولار. حسب منظمة السياحة العالمية، هناك أنواع مختلفة من السياحة مثل السياحة الدينية، السياحة الترفيهية، السياحة الرياضية، السياحة الصحية، سياحة الاعمال، السياحة التعليمية، سياحة المغامرات، السياحة الثقافية، وأنواع وتصنيفات أخرى للسياحة معتمدة من منظمة السياحة العالمية.

الطيران الاقتصادي Low Cost Carrier ساعد كثير في احداث ثورة في عالم صناعة السياحة بزيادة الطلب على السفر والسياحة وزيادة الحصة السوقية للشركات بجذب عملاء من الطيران التقليدي او وسائل مواصلات أخرى. السفر لأي غرض أو نوع من أنواع السياحة لم يعد حكر على الطبقة المجتمعية الغنية او الدخل المتوسط العالي بل ساعد الطيران الاقتصادي كافة أطياف المجتمع بالتمتع بالسفر. حسب احصائيات سابقة، الحصة السوقية للطيران الاقتصادي من المقاعد المتاحة للسفر عالميا تعادل 26٪، ونسبة استخدام الطيران الاقتصادي في جنوب شرق اسيا تصل الى 54٪، 59٪ من المسافرين على الطيران الاقتصادي هم مسافرين جدد، 71٪ منهم لن يتمكنوا من السفر مسبقا بل ساعد الطيران الاقتصادي في اتخاذهم قرار السفر بالطائرة، 37٪ منهم كانوا عملاء سابقين لوسائل موصلات أخرى مثل السيارات أو القطارات وبوقت أطول لرحلة السفر.

Comments are closed.